التعلــيلـــــه

عدد المساهمات : 5 تاريخ التسجيل : 09/10/2011

التعليلية

كتابات - عبد المنعم الضاحي

موقد جمر يتوهج، يحضنه الرماد، وإبريق الشاي ذو اللون الأسود، يتوسط كوخا من الطين بنية على بساطة واقع الحال، وأناسا بسطاء طيبون يتبادلون أطراف الحديث، ليلا مظلم وشتاءا باردا يطردون ظلام ليلهم بضوء الجمر الخجول، ودخان يدمع عيونهم، يفرجون عن همومهم ويطيبون خواطرهم بعبارات، بسيطة تنسيهم تعب وشقاء نهارا طويل من العمل الشاق المجهد بقوت قليل يكاد لا يسد رمق أطفالهم، فمنهم من يحرث الأرض بأدوات بسيطة تسمى(العدة)او(الفدان) تجرها الحيوانات لزرع الأرض وانتظار بركات السماء، بنزول المطر ومنهم من يقضي يومه يرعى الغنم، فليس لهم لقاء الا في وقت قصير، بداية كل ليلة ليتعللون في بيتا من بيوتات القرية الصغيرة النائية، التي يحتضنها السنيين وهما تلان كبيران شاخصان معبرين عن نفسيهما بوضوح يحكيان أسطورة ماضي بعيد، يحتمون حول موقد من الجمر بليلة من الشتاء البارد والممطر، وقد تسلل قطرات من المطر عبر سقف الكوخ المصنوع من القصب والقش، المكسو بطبقة رقيقة من الطين وتسمى (الخارور) أي تساقط قطرات المطر داخل الكوخ ،توضع الأواني لكي يتساقط القطر داخلها فيمتزج صوتها مع قرقعة جذوع الأشجار المشتعلة، لتعزف الحان من الطبيعة، ونظرا للبرودة القاسية، فأصبح لزاما على الجالسين، ارتداء الفراء وهي رداء يشبه العباءة العربية، لكنه مصنوع من جلود الخراف الصغيرة، وذلك لنعومة اصوافها ورقة ملمسها، وتصنع عند أناس مختصون بهذه الحرفة يسمون (الفرى)او(ألفروجي) وتتطلب صناعتها وقت من الزمن، تعد التعليلة من الأمور الاجتماعية السائدة ، في مناطق جنوب، وشمال الموصل او حتى في عموم العراق، وهي مستمرة لحد ألان مع مرورها بأشكال من التطور والعصرنة الحديثة، من الإنارة ابتدائا بالفسفوسة والفانوس، واللوكس الى المصباح الكهربائي، والمذياع ،حيث دخل في نهاية خمسينات القرن الماضي ومتابعة ومتابعة الأحوال والقضايا السياسية والاجتماعية ونشرات الاخبار عبر المذياع وسماع الأغاني، الريفية القديمة، والبدوية ليصل حد اطلاق العيارات النارية في الهواء،نتيجة الاندماج مع وقع الإلحان والكلمات مثلا بسماع الملا ضيف الجبوري وهو يتأوه بصوته الشجي، ونسياب الإلحان من اوتار ربابته والعزف بطريقة تجعل المستمع يندمج مع هذا الحدث، او المطرب داخل حسن، او سليمة مراد، او زهور حسين وكثيرين، ومرورا بالتلفاز وعرض صور الشخصيات، والرؤساء والملوك، والتعرف عليهم من خلال الشاشة، والتعامل معهم كأنهم جزء من التعليلة وكأنه يراهم كما هم يرونه لحد ان بعضهم يخاطب التلفزيون، بشكل ويحذر بعض الشخصيات، وإبطال الأفلام، والمسلسلات او حتى ضرب التلفاز بالأحذية اوما شابه ذلك احتجاجا على بعض المشاهد والمؤثرة .

السلام عليكم
شكراا للأخ الطالب على هذا الابداع الذي يرسم من خلال أحرف الموضوع
حالة من حالات الواقع الريفي الجميل ... والتي اعادتنا كلماته الجميلة الى
شيئ من تلك اللحظات الجميلة التي لانكاد نعيش لحظاتها ..
اشكرك على المجهود الرائع وبنتظار تفاعلك معنا اكثر بكل ماهو جديد..

أدارة منتـــــديات الســـفينة