لماذا نحب من لا يحبنا ؟ ولا نحب من يحبنا ؟
بقلم:- حازم نايف عبوش
الحب أجمل الأشياء رمز الوفاء , وليد الطبيعة نشوء الفطرة, ولد معنا منذ إن أبصرنا النور, يدخل الأعماق يتخلل القلوب لتنبض بالحياة والحياة هي الطبيعة بخلجاتها الهادئة, البيئة التي احتضنت الحب وترعرع بأحضانها دون مقابل,ليملئ العالم بالود والتآلف,ويغمرهم بنعيمه المغرم,لإسعاد الناس في لحظة الانهزام والاستسلام أمام الكراهية والأحقاد,نقيضان الحب الذي أحيا العالم ورسم ميثاق الوفاء بزرقة السماء,وعبر عنه بالورود الحمراء المترامية في أحظان الطبيعة.نقطف الوردة الحمراء رمز الوفاء بالحب ونهديها بالخطأ,ونكرمها تفضلا منا لمن لا يفهمها ويقدر قيمتها بما تحمله من أسمى معاني الوفاء والعهد,انه التصور الواهي المبني على الجنون,في لحظة التأمل التي نغتال الحب فيها بأيدينا ,ثمن الخطأ ندفعه ,الحب من طرف واحد.
وهل الحب مجرد ذنب اقترفناه أم لعنة حتم علينا القدر اقترافها. وقعنا تحت قبضته ,يا ترى أين نجد من نحب في عالم الخراب الذي يغتال آمالنا واحرمنا من الحب.أينك الآن أنتي ,هل تحبينني أم لا ؟
في الدقيقة أموت واحييا ألف مرة ومرة من اجل حبي لكي,فهل أنتي تموتين وتحيين كذلك من اجلي؟.
أناجي الليالي الظلماء بتماهي متعب من السهر,ويمنعني طيفك من الخلود إلى النوم,أصبح عقلي آلة للتفكير بكي, حيث ما التفت أرى وجهك على مد البصر جنون الحب.على الحبيب التحمل والتضحية وهو يجاري سهر الليالي الظلماء, قارصة البرودة بالقرب من النافذة فلا صوت سوى هدوء الليل, وهبوب الهواء محركا معه الأشجار, وتبدأ أوراقها بالتساقط على حافة النافذة ,ويصعد الضباب ويرتفع إلى الأعلى ليغطي السماء ويحجب ضوء القمر ولمعان النجوم.مختفيا ورائها الحب.
فهل أنتي تفكرين بي مثلما أنا أفكر بكي لا اعرف؟
أعظم الأخطاء الحب من طرف واحد, أليده في النار ليس كمثل أليده في الماء.هناك من يفكر بنا لكننا نظلمه وهو يعيش معارك النضال تحت وطأة حبه لنا, ولا نعلم به غير مكترثين.انه موت الإحساس وخيانة الشعور.
الطيور تذكرنا دائما وبكل براءة , بعهد الحب التي أقسمت بان لا تخون بعضها البعض, وبالأخص طيور الحب لا احد قادر أن يمنعها من ممارسة طقوس الحب, وهي تمارسها مسلوبة الحرية داخل أقفاص الأسر وحرمانها من الحرية والعيش في أحضان الطبيعة,في وسط أكناف الأشجار والتدلي على مراجيح الأغصان,في المرابع الخضراء.
ظلم الإنسان يفسد الطبيعة ويحول العالم إلى أن تحكمه,ملكة ملئت زنزانات سجونها بالعشاق لتقتص منهم,بدعوى جريمة الحب وأنا في مقدمتهم ,رأينا أبشع صور التعذيب داخل سجونها.
وأجبرنا على الاعتراف عن الحب.حين انهزم العالم بأسره من ظلم وجبروت الطغاة, لا ملاذ لنا سوى الحب,نعيش لنحب ونحب لنعيش.نرى ملامح الانهيار في عالم الضياع,الحب الانفرادي من طرف يأسرك من تحبه أنت,وأنت لا تأسره, له مطلق الحرية,تجيد رسم صورته في وسط آفاق زرقة السماء ,كلما تذكرته وجاء في مخيلتك,حين تعجز ريشة أي فنان عن الإجادة في رسمه,وهو لا يدري بك ,ربما يجيد رسم صورة غيرك من يحبه هو.هنا فقد التوازن وبدا التناقض,لان هنالك من يجيد رسم حبه لك وآنت تؤسره بقضبان من الحديد,وهل تدري به آنت وتثمن حبه لك؟ألف عذر لمن أحبنا ولا ندري به تحية العز والإجلال له أين ما وجد.
سأهجر أنا أوطاني مثلما هجرت هي أوطانها.نبدأ رحلة البحث عن الذات في زمن الفناء ,هو اللقاء مع من نحب.الشعور المتبادل بين عاشقين أسمى لحظة يتوسمها الحبيب, ويسعى دائما في جل قدرته الوصول إليها, أحاول جاهدا الاقتراب منها ,تمنعني القيود في اليد والسلاسل,العادات والتقاليد السلبية البالية أسرت الطموح,من التقدم نحوها والمثول أمامها, نسمات الصبا أكلما هبت تحرقنا بهبوبها, تذكرنا دائما بما أودعنا من ذكريات حالمة في قعر أودية النسيان,تحيى كلما استذكرها من جديد وأعيشها لحظة حدثها.ملامح الحب الحقيقي نقطة التقاء الزاب الأعلى بنهر دجلة بالقرب من قريتي,تغفو في شواطئها الأهداب,وتنسى الهموم التي حملناها جبرا ولا نطيق حملها.لنرميها ونتركها مسترخين بلذة ونشوة المنظر من صنع الطبيعة وهبة الله لنا,متمتعين بالمنظر تاركين مشاغل الحياة وراء ظهورنا, مندمجين معه بتآلف وانجذاب عجيب.انه بحق منظر يوحي إلى التأمل والتفاعل مع خلجات الطبيعة بسهولها وتلالها الشامخة من الأعلى وصخورها المنهدمة والمتآكلة من عوامل التعرية,مرورا ووصولا إلى حافة النهر بنقطة الالتقاء, لتكون الطبيعة أعظم أوجه تكاملها وجمالها,وجود الحياة مستمرة, باستمرار تدفق جريان النهر المنسابة ولون النهر الأزرق لون الهدوء والتفاؤل ,حيث انه يحرك النفس ويهيج المشاعر الجياشة من الأعماق,وأنت في اشد حالات التفاعل العاطفي والذوبان الوجداني مع الطبيعة بسكينتها وجمالها الخلاب ,لحظة التقاء الزاب بالنهر العتيد دجلة,تنمي عندك إحساس عجيب بالشوق والوله لمن تحب مناجيا طيوفه ,وراسمها بإتقان في مرآة النهر وهي تتلألآ كإبريق الماس عند انعكاسه أشعة الشمس.هنا يتجدد العطاء والإبداع لا احد قادر أن يمنعك من العيش بحرية,لتمارس حياتك الخاصة وتطلق لها العنان.إنها مراحل الصمود والجدارة في خوض معترك الحياة ,نقترب من النهاية وتبدأ لنا بداية جديدة كلما اقتربنا من النهاية.
الإثنين أكتوبر 10, 2011 1:43 am
